Saturday, June 7, 2008

الأزمة التركية ... مخالفات شرعية .. أم تشريعية


أشعلت الأزمة التركية الأخيرة فتيل أزمة تكاد تعصف بالمجتمع التركي من أساسه، أزمة تعبر عن الفشل الذى يحيط بالبناء التشريعي لهذا الكيان الشاذ الذي يتقاسم فيه الشعب والجيش حكم الدولة والذى عبر عنه الصدام الأخير بين البرلمان والمحكمة الدستورية العليا بشأن الحجاب فى الجامعات

فبنظرة متفحصة للوضع وبعيدا عن الغصة التى شعرنا بها جميعاً لإجبار أخواتنا في تركيا لخلع الحجاب - بدلاً من إظهار تحقيق الشخصية- على أبواب الجامعة، نجد هذا الموقف يدل على التخلف الدستوي الذى يعاني منه هذا البلد الذي يدعي الديموقراطية الاوروبية

هذا البلد الذى يحاول جاهداً ان يحاكي النموذج الاوروبي العلماني في فصل الدين عن الدولة، خلط بين المفهوم الأوروبي للأمر وبين الحق الإنسانى فى ان يرتدي الأنسان ما يراه مناسباً للعرف والمعتقد الذى يؤمن به، وفشل فى أن يدرك أن الدول الاوروبية لا تجرؤ على إجبار يهودي على ان يخلع طاقية التيه أو على إجبار القس المسيحي على أن يتخلى عن شعاره الديني وزيه المميز

لا يمكن أن يتخيل عاقل أن دستور دولة يحتوى مواداً مخالفة لابسط حقوق الإنسان التى أقرتها القوانين الدولية في أن يكون الإنسان حرا فى معتقداته وفى الإلتزام بتعاليمها فى المأكل والملبس طالما لا يؤدى ذلك إلى إيذاء مواطن آخر أو التأثير على حريته الشخصية، بل لا يمكن أن يتخيل إنسان أن دولة بحجم تركيا يمكن أن يحتوى أكبر وأعم وثيقة سياسية بها (الدستور) على مادة تمنع الطالبات التركيات من إرتداء الحجاب داخل حرم الجامعه والادهى من ذلك أن هذا القانون قد تم إجازته من البرلمان ومباركته من حزب العدالة والتنمية التركي ممثلاً فى رئيس الدولة ورئيس وزرائها


لقد أدى هذا القرار الغير عقلاني إلى إتساع الهوة بين الشعب ومقرراته وبين الجيش الذى بسط سيطرته الغير قانونية على الدستور بحجة صيانته ضد أى مادة تخل بالنظام العلمانى للدولة إلى الحد الذى دفع برئيس أركان الجيش التركي بتحدى رئيس الجمهورية عبدالله جول وتقريره أنه ملزم بالدفاع عن مبادئ تركيا التى أرساها المغبون مصطفى أتاتورك، هذا المجنون الذى سوف تتحول غرفته الخاصة في القصر الرئاسي قريباً إلى دورة مياه!

بعيداً عن ذلك وفى إطار هذا القانون الذى يقضي بخلع الطالبات حجابهن على أبواب الجامعة، نرى أنه شرعا ينطبق حد الحرابة على المشرع التركي ذلك أنه قد أقر قانوناً يخالف بالضرورة صحيح الكتاب والسنة بفرضية الحجاب بل وحارب الله ورسوله في الأرض بإجبار الطالبات الأتراك على خلع الحجاب في منظر مهين و داعى للحسرة لكل مسلم و غير مسلم يؤمن بقدسية المعتقد و حرمات الآخر.. عندما نشاهد فى القنوات الأخبارية الفتيات المحجبات فى تركيا و هم يخلعون حجابهم أمام مداخل الجامعات و ترى فى أعينهم الإنكسار و الأسى...و هم يجبروا على كشف عوراتهم عنوة أمام الجميع.

وأرى في ذلك أنه بدلاً من إنتشار دعاوى مقاطعة دول تعلن مبادئها الغير إسلامية، أن نقاطع دولا تحارب الله ورسوله فى الأرض وتكشف العورات بقوة القانون. وأنه بدلاً من أن تقاطع دولة مثل مصر كيان محترم تشريعياً وشرعيأً مثل إيران فمن باب أولى أن تقاطع كيان ينهار تدريجياً من الداخل بين شعب يحب الله ورسوله وكيان شاذ لا يعرف فيه المواطن أبسط حقوقه